هل أضاعت باثفيندر من نيسان مسارها؟

حملت الطرازات الـرباعية الدفع عبر التاريخ تسميات تعبّر عن قدراتها على اجتياز العوائق وخوض المغامرات. نذكر، على سبيل المثال لا الحصر، طرازات Explorer من Ford، TrailBlazer من Chevrolet و Pathfinder من Nissan. فالأولى تعني المستكشف، الثانية تعني الشخص الذي يتبع طريقاً شقه رائد ما، والأخيرة تعني كاشف المسار، أي مهنة الجندي الكشاف الذي عليه تأمين مسار آمن لجيشه. أما اليوم، فقد حافظ الصانعون على التسميات، لكن وجهة استخدام الطرازات تلك تبدلت، وكأنه تمّ اكتشاف كل شيء، ولم يعد لـNissan مسار جديد لشقه. ما الذي تغيّر؟

This slideshow requires JavaScript.

لم تعد Pathfinder السيارة ذات الخطوط الحادة، الجامدة والباردة، التي كانت تقول الكثير عن قدراتها على المناورة في المسارات الوعرة التي لم يكن خاضها أحد بعد. إنما أصبحت اليوم سيارة رباعية الدفع ناعمة الخطوط، حديثة التصميم، تحاكي متطلبات وحاجات العائلات، من حيث رحابة المقصورة، (أصبحت تتسع لـ7 ركاب) والنفس المدني الذي يجعلها تندمج في إطار المدينة، بعيدا من غوغائية الغابات وحديّة الجبال وبرودة الجليد. إذا، أصبحت Pathfinder حضارية أكثر لجهة الشكل، الذي فقد حديّته لمصلحة تصميم تميزه خطوط منحنية، دائرية وأيروديناميكية، تماما مثل السيارات الرياضية. هل هذا يعني أنها فقدت قدراتها كسيارة دفع رباعي؟
الجواب: لا تمت Pathfinder الجديدة بأي صلة إلى سابقاتها، أو إلى كل ما سبق ورأيناه لدى الصانع الياباني حتى الآن. لكن هذا لا يعني أن الصانع، باعتماده تصميماً وفلسفة مستحدثين على هذا الطراز ساوم على قدرات السيارة الميكانيكية. ماذا في التفاصيل؟

من الخارج

كان اللقاء في عُمان، على الحدود مع الإمارات العربية المتحدة. بعد استقلال طائرة مائية نقلتنا من دبي وحطّت بالقرب من شاطئ في الفجيرة، حيث كانت في انتظارنا حوريات ساحرات أرشدننا إلى سيارتنا: Pathfinder. من النظرة الأولى تلحظ الفارق ما بين الأجيال السابقة وهذا الطراز الجديد. فبالإضافة إلى الخط الإنسيابي، الذي يسطر التحول التصميمي الجديد لدى الصانع والممتد على جانبي السيارة، من المصابيح الخلفية وصولا إلى الأمامية، لفتنا شكل الأخيرة التي تبدو وكأنها مأخوذة من طرازات Saab نظراً للتشابه الكبير ما بين السيارتين. أما وزنها، فأصبح أخف من السابق، كما وفرت منصة Pathfinder ذات الهيكل المدمج (unibody) للمصممين الفرصة لإبداع هيكل خارجي أكثر ديناميكية، من دون التأثير في مساحة الرأس أو سعة الأمتعة. ويشمل الهيكل العلوي مقصورة مفتوحة، مع خصر منخفض وعمودين (A) و(D) واللذين يتدفقان بسلاسة نحو الهيكل السفلي المتين والمناسب للطرق الوعرة. ومن تفاصيل الشكل الخارجي الأخرى الشبك الأمامي العريض من الكروم. كما تتميز Pathfinder بفتحة السقف البانورامية الثنائية، مع لوح منزلق أمامي لعملية الفتح ولوح زجاجي خلفي ثابت فوق الصفين الثاني والثالث من المقاعد.

من الداخل

تأتي Pathfinder مزودة ثلاثة صفوف من المقاعد تتسع لسبعة أشخاص، ما يعني توافر المقاعد وسعة مكان الأمتعة لتلبية الحاجات المتنامية للعائلات. وتقدم Pathfinder مواصفات سيارة الـCrossover العصرية من حيث الراحة. وقد تحوّلت Pathfinder من مفهوم الجسم-فوق-الهيكل (body-on-frame) إلى منصة مدمجة (unibody) تقدم العديد من المزايا، والتي تشمل أرضية مسطحة لتوفير مرونة معززة بوضع محتويات المقصورة الداخلية ومساحة أكبر. وقد زادت الرحابة الإجمالية للمقصورة الداخلية بـ 238 ليتراً، مقارنة بتصميم الجيل السابق من باثفايندر. ويأتي هدوء المقصورة الداخلية في Pathfinder ومستوى راحتها المتقدم من خلال مجموعة كبيرة من المزايا المتوافرة، ومنها ثلاثة صفوف من المقاعد المكسوة بالجلد والمقاعد الأمامية المهواة والمدفأة والمبردة، والصف الثاني من المقاعد القابلة للإنزلاق، وعجلة القيادة الكهربائية بميزة الإمالة والخاصية التيليسكوبية، ومفتاح نيسان الذكي مع تشغيل المحرك بكبسة زر واحدة، وتوضيبات ذاكرة وضعية المقاعد لعدة مستخدمين ونظام Bose الصوتي بـ 12 سماعة. وتعززت استخدامات Pathfinder المتعددة من خلال تصميم الصفين الثاني والثالث من المقاعد، وخاصية استثنائية في الوصول إلى الصف الثالث من المقاعد بفضل فتحات الأبواب الخلفية الكبيرة، ونظام الجلوس المرن EZ Flex، مع خاصية طيّ الصف الثاني من المقاعد 60 / 40 (LATCH AND GLIDE) وطي المقعد الطويل بالكامل، ومقاعد الصف الثالث قابلة للطي بنسبة50 / 50 ، والمقعد الطويل القابل للإمالة والطي بالكامل. وتوفر تقنية (LATCH AND GLIDE) إمكان الحركة نحو الأمام والوصول إلى الصف الثالث من المقاعد.

تجربة القيادة

اتضح من المسار الذي اختاره المنظمون أن طراز Pathfinder الجديد غير مصمم لخوض غمار المسارات التي اعتاد اجتيازها سابقاً. صحيح أنها طرق جبلية وعرة ولكنها سهلة الوصول لكل طرازات الـSUV ذات الدفع الرباعي. لكن هذا لا يعني أن القدرات الميكانيكية لهذا الطراز من Nissan ليست جديرة بسيارة دفع رباعي، إنما هي الآن تناسب فئة الـCrossover، عوض فئة الـ4*4 الجديّة صديقة المغامرين والمستكشفين. فمحركها  V6  سعة 3.5 ليترات (DOHC)، يتناغم مع ناقل الحركة بتقنية التغيير المستمر (Xtronic CVT) ويساهم في تقليل استهلاك الوقود بنسبة 30%  أثناء القيادة في شوارع المدينة/الطرق السريعة (مقارنة مع الجيل السابق). ويبلغ استهلاك الوقود 11.1 كم لكل ليتر من الوقود على الطرق السريعة / 8.5 كم لكل لتر من الوقود على شوارع المدينة / 9.4 كم لكل ليتر من الوقود للقيادة على الطرق السريعة وشوارع المدينة معاً. يقدم محرك وناقل السرعات القوة الحصانية إياها تقريباً التي يوفرها الجيل السابق سعة 4.0 ليتراتV6 ، – 254 حصاناً مقارنة بـ 266 حصاناً للجيل السابق. وينظم ناقل الحركة بتقنية التغيير المستمر عمل المحرك عند سرعة الدوران المناسبة لظرف القيادة، ما يوفر قوة الاستجابة للسير أو للجر وفق الحاجة، إضافة إلى السير بكفاءة هادئة عند السرعات الثابتة أو أثناء القيادة داخل المدن. وبفضل هذه الآلية التي تشمل المحرك وناقل الحركة، تحسن تسارع Pathfinder بنسبة 13%.
أما للقيادة في الظروف المناخية الصعبة فوفرت Nissan  على Pathfinder  نظام دفع رباعياً ذكياً، وهي المركبة الوحيدة في فئتها ذات خيارات الدفع الثنائي، والاختيار الأوتوماتيكي واختيار الدفع الرباعي المنغلق ضمن نظام الدفع الرباعي الذكي المتوافر لكل الوضعيات. ويتيح هذا النظام امكان اختيار الدفع الثنائي لتحقيق أفضل معدل اقتصادي في استهلاك الوقود، والأوتوماتيكي لمراقبة ظروف القيادة في شكل آلي وتعديل توزيع القوة بين العجلات الأمامية والخلفية، كي يستمتع  السائق بأعلى نسبة تماسك ممكنة، أو الدفع الرباعي المنغلق عندما يقرر السائق أنه بحاجة لتعزيز ثقته عبر استخدام الدفع الرباعي في شكل دائم. بالإضافة إلى ذلك، تساعد آلية تثبيت المركبة على المرتفعات المتوافرة في شكل قياسي في منع رجوع المركبة إلى الخلف ومتابعة القيادة فوق طريق منحدر. أما في المنعطفات، فتتحكم Pathfinder بتوزيع عزم الدوران في شكل مثالي عند الانعطاف من خلال نظام التحكم اللحظي (Yaw moment control) الذي يعزز ثبات المركبة. وتتيح وحدة التحكم بالدفع الرباعي للسائق إمكان الاقتراب إلى أقصى نقطة من خط القيادة المستهدف باستخدام بعض المستشعرات (مستشعر زاوية التوجيه و نسبة التحكم اللحظي ومستشعر G)، ثم تتحكم بتوزيع نسب عزم الدوران بين المقدمة والمؤخرة. قيادة Pathfinder مريحة، تماما مثل سيارات الـSedan لدى الصانع إياه بفضل جهاز التعليق، لكن نظام إستشعار السرعة الذي يزود المقود يشعرك وكأنك تتحكم بجسم ثقيل يصعب توجيهه بعض الشيء. تجدر الإشارة إلى أن Pathfinder الجديدة مينية على قاعدة العجلات إياها المعتمدة على طراز JX-35 من Infinity وتصنع في المصنع إياه في Tennessee.

الخلاصة

لم تضع Nissan المسار (Path) لا بل خاضت غمار مسار اكتشف من قبل وحافل بالمنافسة الشرسة. إنه مسار سيارات فئة الـCrossover. فئة ارتأت Nissan أن تستثمر فيها أكثر من خلال طراز Pathfinder الجديد. لذلك، حملت إسماً له تاريخ ضمن فئة 4*4 واستخدمته على سيارة رباعية الدفع، صحيح ولكن حضارية أكثر تتوافق ومتطلبات حياة الإنسان الحديث. إنها سياسة التأقلم مع رغبة المستهلك. إنها تجسيد فعليّ لكلمة Crossover، أي أنها سيارة للإستخدام اليومي كأي سيارة عادية عائلية، مع ميزة السير على كل أنواع الطرق، ولكن من دون المغامرة عليها كالسابق. لهذه الغاية يمكن الإعتماد على طراز X-Terra من الصانع إياه، الذي يبدو أنه احتل مكان ما كان يمثله الجيل السابق من Pathfinder. لكن ماذا عن طراز Murano؟ هو أيضا من فئة الـCrossover، فكيف ستوفق Nissan بينهما؟ أضف إلى ذلك هل سيكفي شعار Infinity وما يمثله في الإستمرار في اسقطاب زبائن لسيارتها JX-35؟ (خاصة أن Pathfinder تتمتع بالمواصفات عينها، لكن تختلف بالإسم والواجهة الأمامية). الجواب نتركه للمرحلة المقبلة.

Leave a comment